مصـرفى أسبـوع بقلم..حمدى قنديل
الطبع يغلب التطبع.. لا أكتب مقالى هذا كل أسبوع قبل أن أقدح الذاكرة والإنترنت لأستعرض أحداث الأسبوع كله كما كنت أفعل عندما أقدم برامجى فى التليفزيون.. الحمد لله أن هذه البرامج توقفت، وإلا لكنت قد وقعت تحت طائلة قانون العقوبات أو قانون الطوارئ أو كليهما معا.. لم تعد السلطة تطيق التليفزيون الخاص وبرامجه، بل إن محافظ كفر الشيخ يقول إن العاملين فى التليفزيون الرسمى ذاته، شأنهم شأن غيرهم من الصحفيين، «هجامين وعاوزين جنازة يشبعوا فيها لطم».. أما محافظ شمال سيناء فكان أكثر رفقا، إذ اكتفى بالقول إن «الكل يبحث عن فرقعة إعلامية وعنوان صارخ».. لم أغضب منه كثيرا.. يكفيه غضب أهل سيناء بعد أن صرح لـ«الشروق» بأن «بعضهم يعملون لحساب إسرائيل ثم تضربهم إسرائيل بالجزمة»، وتكفيه الورطة التى وضعته فيها الأردن عندما أكدت أن الصواريخ التى أصابت العقبة وإيلات أطلقت من محافظته.
«الإيكونوميست» قالت إن قوات الأمن عاجزة فى سيناء، ولكن صحفنا تشير إلى أن الاستنفار لكشف لغز الصواريخ قد يسفر عن معرفة الجناة.. عكر الحادث مزاج رئيس تحرير «الجمهورية» فعاود اتهاماته لحماس ووصف قادتها بأنهم «جزارون وليسوا حكاما»، وكان قبلها بأيام منتشيا بحضوره لقاء جمال مبارك مع الشباب رغم أن الحرارة كما قال وصلت إلى 42 درجة.. فى هذا اللقاء ـ الذى كان قد انقطع عامين ـ عاد جمال للظهور مذكرا الشباب بأنه «شغال فى العمل الحزبى من 9 سنين»، إلا أن صديقه رجل الأعمال إبراهيم كامل نفخ فى المدة قليلا وقال إن جمال «يعمل ليل نهار منذ 15 سنة متصلة للمصلحة العامة»، ولذلك فالمؤكد أنه سيكون مرشح الحزب الوطنى للرئاسة إذا لم يرشح الرئيس نفسه.. حملة انتخابات الرئاسة لن تبدأ رسميا قبل يونيو 2011، ومع ذلك فإن شخصا يدعى الكردى، وصفته «الفجر» بأنه «معارض تائب»، شكل ما سماه ائتلافا شعبيا لترشيح جمال، ودشن لهذا الغرض وفقا للموضة حملة توقيعات الكترونية فى مواجهة حملة تيار التغيير التى تجمع توقيعات على مطالبها السبعة.. حملة جمال التى توزع ملصقاتها بالأمر لم تصل التوقيعات فيها إلى 8 آلاف فى اليوم الذى تعدت فيه توقيعات التغيير نصف المليون رغم أن المباحث تلقى القبض على أنصارها كما حدث فى الاسكندرية حيث أمرت النيابة بحبس 6 منهم 15 يوما.. ربما هذا ما استثار غضب بعض خطباء المساجد هناك فطالبوا المصلين بالتوقيع على بيان التغيير.
اشتعال حرب التوقيعات الالكترونية ليس خبرا جديدا.. الجديد هو قيام تشكيل غامض آخر بعنوان «الحملة الشعبية العليا لتأييد مبارك»، مبارك الأب، تطالبه بالاستمرار لضمان الاستقرار، فى حين طالبه ائتلاف الكردى بعدم الترشح لإتاحة الفرصة كاملة لجمال.. مصادر مطلعة قالت إن الصراع بين أجنحة الحزب الوطنى خرج للعلن، أما أقطاب الحزب ففضلوا تحويل الأنظار بحملة أخرى للهجوم على البرادعى الذى نصحه وزير الصحة بأنه «محتاج ياخد لفة فى مصر»، أما الوزير شهاب فهو الذى قاد الحملة كعادته، وأفتى أن «أى شخص ليس له مبدأ لا يمكنه الترشيح لرئاسة الجمهورية».
مع ذلك فإن الصحف آثرت أن تولى اهتمامها لفتوى أخرى للدكتور شهاب تستأهل كثيرا من التمعن، هى تلك التى قضى فيها بأن «طول البقاء فى الحكم يعنى مزيدا من الحكمة».. جاء هذا فى مؤتمر شباب المصريين فى الخارج، وهو اللقاء الذى غنت فيه الوزيرة عائشة عبدالهادى «الجيب مافيهشى ولا مليم».. مجرد صدفة أن تنفرد «الوفد» بهذا الخبر فى اليوم الذى خرجت فيه صحف أخرى تتحدث عن إفلاس الجيوب مع الزيادة التى بلغت 43٪ فى أسعار بعض السلع التموينية، وعن الـ90٪ من الأسر المصرية التى تأكل الخبز المدعوم.. لكن الجدير بالذكر فى المقابل أن مصر استوردت أكل قطط وكلاب بـ253 مليون جنيه فى 2009، الأمر الذى يقطع بالرفاهية التى يعيش فيها المصريون، تماما كما دل على ذلك من قبل اقتناؤهم لمزيد من السيارات وحجم زبالتهم المتصاعد.. وهكذا فإن وزير التعليم لم يتجن على الحقيقة عندما قال لشباب الخارج «اوعوا تصدقوا إن الأوضاع فى مصر سيئة».. أما الأوضاع بين مصر ودول الجوار خاصة دول حوض النيل فقد وصفها وزير الرى بأنها «زى الفل»، فى حين تستمر الأوضاع مع الجارة الأقرب إسرائيل دافئة مستقرة خاصة بعد زيارة الرئيس الإسرائيلى بيريز، حتى وإن كان قد سبقها ـ كالعادة مع ضيوفنا الإسرائيليين ـ قصف على قطاع غزة.. وها هى مجلة «فورين بوليسى» تؤكد أن نظام مبارك هو الوحيد الذى يقيم علاقات ودية حقيقية مع إسرائيل رغم انتهاكاتها المسلحة، وربما هذا ما جعل شعبية الزعيم التركى أردوغان تفوق شعبية الرئيس مبارك خمس مرات طبقا لاستطلاع مؤسسة «بروكينجز» فى العالم العربى.
وزير الأوقاف الذى كان المعارضون قد اتهموه بالدعوة للتطبيع مع إسرائيل عندما حض المصريين على زيارة الأماكن المقدسة فيها، عاد فتراجع قليلا بتصريح قال فيه إن «زيارة القدس ليست فريضة»، لكن هذا التصريح لم يلق اهتماما يذكر، ذلك أن المصريين ملهوفون الآن على أداء فريضة الحج التى أكدت الصحف أنه لا زيادة فى أسعار تذاكرها.. من الأخبار السارة الأخرى أنه لا زيادة أيضا فى أسعار كهرباء المنازل، ومنها أن 95٪ من الوحدات العقارية معفاة من الضرائب، ومنها إطلاق قمر «نايل سات» الثالث الذى لم نشارك فى تصميمه ولا فى تصنيعه ولا فى إطلاقه، ومع ذلك فقد اعتبره وزير الإعلام ضمانا لأمن مصر القومى وهو يحصى القنوات التى يحملها بالمئات ربما لتستوعب مسلسلات رمضان الحصرية، إلا أن «الأهرام المسائى» فاجأنا بأن «مفيش حاجة حصرى حتى على التليفزيون المصرى».. هكذا يبدأ شهر المسلسلات الكريم الذى تنعم فيه الحكومة ببعض من الراحة عندما يخطف نجوم الفن انتباه المصريين من نجوم الفساد الذين تشغل أخبارهم صفحات الصحف على
أبرز نجوم الفساد الآن هم مستوردو اللحوم الذين وصفهم حديث فى «المصرى اليوم» بأنهم «أقوى مافيا فى مصر»، كما انكشفت هذا الأسبوع أيضا مافيا جديدة فى مؤتمر «فوضى الأدوية» فى الاسكندرية، حيث أعلن أن «الشركات الكبرى تساهم فى إعادة تدوير الأدوية منتهية الصلاحية وطرحها بالأسواق».. أما مافيا العلاج على نفقة الدولة فيبدو أنها ستفلت من العقاب وفقا لعنوان «الأسبوع» الصادم أن هناك «اتجاها لدفن الملف» بعد أن تراجع ضباط بمباحث الأموال العامة أمام النيابة عن أقوالهم التى تدين النواب.. حقوقيون قالوا إن الأمر مجرد هوجة فجرتها الدولة لإلغاء العلاج على نفقة الدولة برمته.
تظل أراضى الدولة مرتعا لمافيا المنتجعات، وإن كان قد صدر قرار رئاسى بطرحها بنظام حق الانتفاع، كما أن الحكومة تضع قانونا موحدا الآن للتصرف فى الأراضى الصحراوية التى تؤكد مصادر «الدستور» أن التعديات عليها طالت مليونا و400 ألف فدان.. ومع ذلك فإن مدير مركز تخطيط أراضى الدولة رفض العقوبات على مخالفى الطريق الصحراوى وقال إن «كل ابن آدم خطاء والدولة ستكتفى بتحصيل مستحقاتها منهم».. لم يمنع هذا «صوت الأمة» و«اليوم السابع» من الكشف عن خطأين آخرين فى دوائر الأعمال ودوائر السلطة، وتوالى نظر وقائع فسادهم أمام القضاء الذى لم يتباطأ فى إبطال عقد «مدينتى» خلال أسابيع معدودة.. رغم هذا فإن أسرع أحكام هذا الأسبوع هو ذلك الذى قضى على المراكبى الذى تسبب فى مقتل 9 فتيات بالحبس 10 سنوات، وهو الحكم الذى وصفته الصحف القومية عن حق بأنه حكم رادع، خاصة لو قارناه بالحكم الذى صدر على صاحب العبارة السلام التى غرق فيها 1200 مصرى بالحبس 7 سنوات غيابيا.
عادة ما كنت أختتم برامجى بأقوال مأثورة.. والحق أننى لم أجد أفضل من أقوال جلال عامر سوى ما قاله مواطن من السيدة زينب هو محمد العطار عضو ائتلاف جمال مبارك.. يقول المواطن الكريم: «أخونا الكبير جمال مبارك هوه الوحيد اللى يصلح لرئاسة الجمهورية.. إحنا خرجنا على الدنيا لقينا أبونا حسنى مبارك، وعايزين حد من دمه يحكم مصر».